الجمعة، 24 يوليو 2015

المعلم القدوة - القدوة الحسنة

الفصاحة والبلاغة , وامتلاك مهارات التواصل عوامل مؤثرة في النفس , لكن السلوك والقدوة أبلغ تأثيراً فيهم . في حديث القوم الذين قدموا المدينة مجتابي النمار كانت الصورة العملية للرجل الذي تصدق بالصرة أكثر تأثيراً في الناس لحفزهم على الصدقة من حث النبي صلى الله عليه وسلم لهم[1] , وفي صلح الحديبية جرى شئ من تردد الصحابة في الاستجابة لأمره صلى الله عليه وسلم بالحلق , حتى أبدت له أم سلمة رضي الله عنها أن يحلق أمامهم ففعل وفعلوا[2] .
ذكر الغزالي في الوظيفة الثامنة للمعلم : "أن يكون عاملاً بعلمه , فلا يكذب قوله فعله , لأن العلم يدرك بالصائر والعمل يدر بالأبصار , وأرباب الأبصار أكثر فإذا خالف العلم العمل منع الرشد , وكل من تناول شيئاً وقال للناس لا تتناولوه فإنه سم مهلك , سخر الناس به واتهموه وزاد حرصهم على ما نهو عنه , فيقولون : لولا أنه أطيب الأشياء وألذها لما كان يستأثر به"[3].


وقد أوضحت الدراسات أن نحو 60 % من العلمية التعليمية يملكها المعلم , بل إن سلوكه العام وسلوكه التعليمية ينعكس على المتعلمين دون اختيار منهم , إلى الحد الذي جعل خريجي الكليات التربوية يمارسون التدريس بالطريقة نفسها التي درسوا بها , أكثر من طريق التدريس التي تعلموها نظرياً !! وفي المجتمع دلائل حية على أن الناس تعلمون بالمحاكاة ويتأثر بعضهم ببعض بالملاحظة والتقليد بصورة تجعل هذا النمط يؤثر في الجانب الاجتماعي بشكل كبير .
ومن هنا يتبين أن مفهوم القدوة لا يقف عند حد تمثل المفاهيم العلمية للمادة فحسب , بل طريقة الحوار وتقبل الطلاب ومحبتهم والاعتدال في تبني رأي أو رفض آخر .
قال بعض الحكماء لمؤدب ولده : "ليكن أول ما تبدأ به من إصلاحهم إصلاح نفسك , فإن أعينهم معقودةً بعينك , فالحسن عندهم مما استحسنت , والقبيح عندهم ما قبحت"[4] . ...(يتبع)   (دليل معلم العلوم الشرعية)


[1] رواه مسلم 3320
[2] رواه البيهقي 1208 وأصله في البخاري
[3] إحياء علوم الدين 1 / 87
[4] الفنون لابن عقيل 2 / 216



 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق