السبت، 12 سبتمبر 2015

فضل عشر ذي الحجة

د. وداد السحيمي – مكتب التعليم شرق المدينة  
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد من الله U على عباده المؤمنين بأن جعل لهم مواسم تضاعف فيها من الحسنات ومن هذا المواسم عشر ذي الحجة, إنها العشر المباركات التي فضلها الله عز وجل على غيرها من أعشار الشهور.
وشرفت هذه العشر لعدة أمور منها :-
1-   إقسام الله تعالى بها قال تعالى] والفجر # وليال عشر # والشفع والوتر [ خرج النسائي رحمه الله في تفسيره عن جابر t عن النبي r قال ( العشر عشر الاضحى والوتر يوم عرفه والشفع يوم النحر ) وإسناده حسن.
2-      وقوع الحج فيها وهو من أفضل الأعمال  والركن الخامس من أركان الإسلام وهو أفضل ما عمل في العشر وثبت في الصحيحين عن ابي هريرة t ( أن رجلاً قال يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال إيمان بالله ورسوله قال : ثم ماذا ؟ قال جهاد في سبيل الله ، قال ثم ماذا ؟ قال حج مبرور ) وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد قال أفضل الجهاد حج مبرور ) وفي رواية له ( جهادكن الحج ) وفي رواية له أيضاً ( نعم الجهاد الحج ) وقال عليه الصلاة والسلام ( الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ).

3-   وفيه يوم عرفة وإنه يوم مغفرة الذنوب والتجاوز عنها والعتق من النار والمباهاة بأهل الموقف كما في صحيح مسلم ( عن عائشة رضي الله عنها عن النبي r قال : ( ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول : ما أراد هؤلاء ؟ )
ويسن صيام يوم عرفة لغير الحاج ففي صحيح مسلم عن أبي قتادة عن النبي r قال : ( صيام يوم عرفه أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده ).
4-      وفي هذه العشر يوم النحر وهو خاتمها وهو يوم الحج الأكبر وهو من أعظم الأيام قال عليه الصلاة والسلام ( أعظم الأيام عن الله يوم النحر، ثم القر ) خرجه الإم أحمد ويوم القر هو اليوم الحادي عشر.
5-      ومن فضائله أنه خاتمة الأشهر المعلومات ، أشهر الحج التي قال الله تعالى فيها ( الحج أشهر معلومات ) ذكره ابن رجب في لطائف المعارف.
6-      ومن فضائله أنها الأيام المعلومات التي شرع الله ذكره فيها على ما رزق من بهيمة الأنعام قال الله تعالى ] ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام [
وجمهور العلماء على أن هذه الأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة قال ابن حجر في فتح الباري ( أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العباده فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ولا يتأتى ذلك في غيره ) شرح حديث (969) 

فضل العمل في هذه الأيام :-
روى الإمام أحمد في مسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي r : ( ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب اليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر ، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ).
في صحيح ابن حبان عن جابر عن النبي r قال : ( ما من أيام أفضل عند الله من أيام عشر ذي الحجة )
وفيه تفضيل بعض الأزمنة على بعض كالأمكنة وفضل أيام عشر ذي الحجة على غيرها من أيام السنه.
 وأفضل الأعمال في هذه العشر :-
1-     الحج فهو يعدل الجهاد في سبيل الله لاجتماع فضل العمل في أيام العشر وفضل الحج قال ابن رجب في اللطائف ( فيصير العمل المفضول فيه فاضلاً حتى يفضل على الجهاد الذي هو أفضل الأعمال كما دلت على ذلك النصوص  الكثيرة .. فينبغي أن يكون الحج أفضل من الجهاد لأن الحج مخصوص بالعشر وهو من أفضل ما عمل في العشر) انتهى
2-     الصيام قال ابن حجر في فتح الباري ( واستدل به على فضل صيام عشر ذي الحجة لاندراج الصوم في العمل ) وقال ( ولا يرد على ذلك ما رواه أبو داود وغيره عن عائشة قالت : (ما رأيت رسول الله r صائماً العشر قط ) لاحتمال ان يكون ذلك لكونه كان يترك العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يفرض على أمته كما رواه الصحيحان من حديث عائشة ايضاً ) وآكد الصيام في هذه العشر يوم عرفه لقوله عليه الصلاة والسلام ( صيام يوم عرفه احتسب على الله أن يكفر السنه التي قبله والسنه التي بعده )
3-     الأضحية والتقرب إلى الله بالنحر وقد دلت النصوص الكثيرة على فضلها قال تعالى    ]فصل لربك والنحر [ وذلك في يوم النحر الذي هو خاتمة العشر وفي ايام التشريق
4-     الذكر لقول الله تعالى ] ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في ايام معلومات [ ولقوله U ] واذكروا الله في أيام معدودات [ ولقوله عليه الصلاة والسلام ( فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ). وروي البخاري في صحيحة قال : ( كان ابن عمرو وأبو هريرة يخرجان الى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما ). ولقول النبي r ( أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل ) رواه مسلم .

والتكبير على نوعين :-
1-      التكبير المطلق مشروع من أول  الشهر الى نهاية الثالث عشر من شهر ذي الحجة .
2-      التكبير المقيد ويكون في أدبار الصلوات الخمس من صلاة الفجر يوم عرفه إلى صلاة العصر من يوم الثالث عشر من ذي الحجة وهذا لغير الحاج . كما روى عن النبي r وعن جماعة من الصحابة  رضي الله عنهم . هذا بالإضافة إلى التكبير المطلق . وبهذا يجتمع  التكبير المطلق والمقيد في أصح أقوال  العلماء في خمسة أيام وهي يوم عرفة وبوم النحر وأيام التشريق الثلاثة.

ويستحب للمسلم أن يجهر بالتكبير في هذه الايام ويرفع صوته به وعليه أن يحذر من التكبير الجماعي  حيث لم ينقل عن النبي r ولا أحد من السلف والسنة أن يكبر كل واحد بمفرده .

وكذلك يشرع في هذه العشر الإكثار من الطاعات من الصدقة والمحافظة على الصلوات في أوقاتها والإكثار من الصلاة النافلة ولاسيما صلاة الليل وتلاوة القرآن والإكثار من ذكر الله تعالى وترك المعاصي والتقرب إلى الله بالنوافل وفعل الخيرات وتعظيم ما عظم الله.

ويلحق بها في الفضل أيام التشريق
قال تعالى ] واذكروا الله في أيام معدودات [  روى البخاري عن ابن عباس قال المعدودات  أيام التشريق.
وسميت أيام التشريق لأنهم كانوا يشرقون فيها لحوم الأضاحي أي يقددونها ويبرزونها  للشمس .
وقد أفرد البخاري في صحيحه باباً في فضل أيام التشريق وذكر فيه حديث ابن عباس عن النبي r  قال : ( ما العمل في أيام العشر  أفضل من العمل في هذه قالوا ولا الجهاد ؟ قال : ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء ) حديث رقم (969)
( قال ابن أبي جمره أن العمل فيها أفضل من العمل في غيرها ، وسر كون العبادة فيها أفضل من غيرها أن العبادة في أوقات الغفلة فاضلة على غيرها . وأيام التشريق أيام غفلة في الغالب ) . قال ابن حجر ان المراد بالأيام في حديث الباب أيام عشر ذي الحجة وأنها أفضل من أيام التشريق ) .
وهي تضاهيها  بالفضل من عدة جوانب  :-
1-      قال ابن حجر : ( أن الشيء يشرف  بمجاورته للشيء الشريف وأيام التشريق تقع تلو أيام العشر ...
2-      ان عشر ذي الحجة إنما شرف لوقوع أعمال الحج فيه وبقية أعمال الحج تقع في أيام التشريق كالرمي والطواف وغير ذلك فصارت مشتركه في أصل الافضل ولذلك اشتركت معها في مشروعية التكبير ...
3-      ان بعض أيام التشريق هو بعض أيام العشر وهو يوم العيد وكما أنه خاتمة أيام العشر فهو مفتتح أيام التشريق... )
وقد أمر الله تعالى بذكره في هذه الأيام المعدودات وأخرج مسلم في صحيحه عن النبي r أنه قال ( أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل ) . ونهى النبي عن الصيام فيها وفي رواية ( لا تصوموا هذه الأيام فإنها أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل )
وأول أيام التشريق يوم القر وهو أفضلها لقوله r ( أعظم الأيام عند الله يوم النحر ويوم القر ) رواه أحمد وسمي يوم القر لان أهل منى يستقرون فيه ولا يجوز فيه النفر )
قال ابن رجب : " واشترك الجميع في الراحة أيام الأعياد بالأكل والشرب كما اشتركوا جميعاً في أيام العشر في الاجتهاد في الطاعة والنصب وصار المسلمون كلهم في ضيافة الله عز وجل في هذه الأيام يأكلون من رزقه  ويشكرونه على فضله " .
فعلى المسلم تعظيم هذه الأيام وترك المعاصي والمحرمات والتقرب إلى الله بالطاعات قال تعالى ] ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب [


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق